على الرغم من مرور أكثر من 45 عامًا على ولادة أول طفل باستخدام تقنية أطفال الأنابيب (IVF)، لا تزال هذه العملية تشبه رمي النرد للكثير من الأزواج. فهل يمكن أن تغيّر الأبحاث الجديدة هذه الحقيقة؟
رحلة محفوفة بالتحديات
تبدأ القصة عندما يلتقط أخصائي علم الأجنة طبقًا يحتوي على أربع بويضات بشرية، تم تخصيب كل منها للتو بحيوان منوي. هذه البويضات ستبدأ في التطور إلى أجنة، ويأمل الأزواج أن يتحول أحدها على الأقل إلى طفل سليم. كل يوم، تغادر مئات وربما آلاف الأزواج عيادات الخصوبة حول العالم وهم يحملون الأمل في النجاح. بالنسبة لهم، يعني هذا كل شيء.
لكن العملية ليست سهلة. إذ يتعين على من يخضعون لتقنية أطفال الأنابيب الانتظار في توتر وقلق بعد خوض رحلة شاقة نفسيًا وجسديًا للوصول إلى هذه المرحلة.
تقنيات جديدة.. ولكن!
للحصول على طمأنينة إضافية، قد يلجأ البعض إلى تقنية تصوير الأجنة الزمني. وهي تقنية تعتمد على وضع الأجنة في جهاز متقدم يلتقط صورًا لها كل عشر دقائق خلال الأيام التالية للتخصيب. يتم تقديم هذه التقنية كوسيلة لتحسين فرص النجاح، إلا أن الدراسات تشير إلى خلاف ذلك.
في يوليو 2024، نشرت دراسة في مجلة The Lancet، قارنت بين أكثر من 1500 حالة أطفال أنابيب باستخدام تقنية التصوير الزمني وبدونها. وكانت النتيجة عدم وجود فرق كبير في نسب الولادة الحية بين الطريقتين.
تقول الدكتورة بريا بهايد، وهي باحثة في جامعة كوين ماري في لندن وأحد مؤلفي الدراسة: "للأسف، لم نجد دليلًا على أن هذه التقنية تزيد من فرص الولادة الحية".
معدلات النجاح.. تحسن بطيء ولكن مستمر
منذ ولادة لويز براون، أول طفل أنابيب في العالم عام 1978، وُلد أكثر من 10 ملايين طفل باستخدام هذه التقنية. تمثل هذه الطريقة الآن حوالي 2% من جميع الولادات السنوية في الولايات المتحدة، ومع مرور السنوات، تحسنت معدلات الولادة الحية بشكل ملحوظ، لا سيما للنساء تحت سن 38.
ومع ذلك، لا تزال نسب النجاح تمثل تحديًا. على سبيل المثال، في المملكة المتحدة، تبلغ نسبة الولادة الحية لكل دورة نقل أجنة حوالي 30% للنساء في سن 35، وترتفع إلى 39% في الولايات المتحدة. وبالنسبة لجميع الأعمار، تبلغ النسبة حوالي 45% في الولايات المتحدة، وهي زيادة عن نسبة 36% في عام 2011.
البحث عن حلول مبتكرة
يحاول العلماء تحسين نتائج تقنية أطفال الأنابيب من خلال استكشاف تقنيات وأساليب جديدة. أحد التحديات الكبرى هو استخراج عدد كافٍ من البويضات دون إلحاق الضرر بها.
في المملكة المتحدة، جرب أطباء بيطريون مؤخرًا تصميم إبرة مبتكرة تسهل استخراج البويضات من الأبقار دون الإضرار بها. يهدف هذا التصميم إلى زيادة عدد البويضات المستخرجة وجودتها، وقد يكون لهذه التقنية تأثير ملموس على معدلات النجاح إذا أثبتت فعاليتها مع البشر.
وفي إسبانيا، يعمل العلماء على تقنية جديدة باستخدام جزيئات مغناطيسية تُلصق بالبويضات والأجنة لتسهيل التعامل معها دون الحاجة إلى لمسها بشكل مباشر. هذه الطريقة تقلل من فرص تلف البويضات أثناء المناولة، وقد أظهرت نتائج واعدة في التجارب على الأرانب والخنازير.
التحليل الضوئي ومراقبة الأجنة
في أستراليا، يتم تطوير تقنية جديدة تعتمد على قياس كمية الدهون في الأجنة باستخدام الضوء. تُعطي هذه الطريقة مؤشرًا على النشاط الأيضي للجنين، ما قد يساعد في تحديد الأجنة الأكثر قابلية للتطور إلى ولادة حية. ومع ذلك، لا تزال هذه التقنية في مراحلها المبكرة ولم تُختبر بعد على البشر.
أخلاقيات وتقنيات المستقبل
من بين الابتكارات المثيرة للجدل تقنية التكوين الحيوي خارج الجسم (IVG)، والتي تتيح إنتاج خلايا بويضات أو حيوانات منوية من خلايا جلدية. رغم أن هذه الأبحاث لا تزال في مراحلها المبكرة، إلا أنها تحمل آمالًا كبيرة لمن لا يستطيعون الإنجاب بشكل طبيعي، بما في ذلك الأزواج من نفس الجنس.
لكن هذا التقدم يطرح أسئلة أخلاقية معقدة، مثل إمكانية استخدام خلايا شخص ما دون إذنه لإنتاج أجنة. يرى الخبراء ضرورة وضع لوائح صارمة لتنظيم استخدام هذه التقنيات.
هل يمكن تحسين نسب النجاح بشكل كبير؟
بينما تواصل الأبحاث تحسين تقنيات أطفال الأنابيب تدريجيًا، يرى بعض العلماء أن تحقيق تحسن جذري قد لا يكون ممكنًا نظرًا للطبيعة الحساسة للأجنة واحتمالية احتوائها على تشوهات جينية.
ومع ذلك، لا يمكن إنكار التأثير الإيجابي لهذه التقنية على ملايين الأزواج حول العالم. في النهاية، يظل أمل الأزواج، ورؤية نبض الجنين في الموجات فوق الصوتية، هو ما يمنح هذه العملية قيمتها الحقيقية.
مصدر الإلهام: تُظهر تجارب الأزواج الذين خاضوا هذه الرحلة الصعبة أن الصبر والتقدم الطبي يمكن أن يجلبا السعادة. كما تعكس قصص النجاح أهمية استمرار الأبحاث والتطوير في هذا المجال لإعطاء مزيد من الأمل للعديد من الأزواج الذين يحلمون بتكوين أسرة.