أحدثت دراسة علمية نُشرت في مجلة Nature بتاريخ 6 أغسطس ضجة واسعة في الأوساط الطبية، بعد أن أظهرت نتائجها أن عنصر الليثيوم – المعروف منذ أكثر من قرن كمضاد لاضطراب ثنائي القطب – قد يحمل إمكانية كبيرة في الوقاية من ألزهايمر أو حتى عكس بعض أعراضه، على الأقل في التجارب على الحيوانات.
ما هو الليثيوم ولماذا يثير اهتمام الباحثين؟
الليثيوم معدن طبيعي موجود بكميات ضئيلة في دماغ الإنسان، ويُستخدم طبيًا منذ القرن التاسع عشر. في بدايات استخدامه، كان يُستعمل كعلاج لبعض الأمراض مثل النقرس، ثم أصبح منذ سبعينيات القرن الماضي العلاج الأكثر شيوعًا لتثبيت المزاج لدى مرضى اضطراب ثنائي القطب. وقد دُرس تأثيره على القدرات الإدراكية في أبحاث سابقة، لكن النتائج كانت متباينة.
العلاقة بين نقص الليثيوم وتطور مرض ألزهايمر
فريق البحث بقيادة البروفيسور بروس يانكنر من كلية الطب بجامعة هارفارد، قام بتحليل أنسجة دماغ بشرية إلى جانب تجارب على الفئران. النتائج كانت لافتة: الأشخاص الذين يعانون من ضعف إدراكي بسيط أو ألزهايمر لديهم مستويات منخفضة من الليثيوم في قشرة الفص الجبهي، وهي المنطقة المسؤولة عن التفكير المنطقي والتخطيط واللغة. كما وُجد أن نقص الليثيوم مرتبط بتراكم لويحات الأميلويد وتشابكات بروتين تاو، وهما علامتان رئيسيتان للمرض.
المثير للاهتمام أن نقص الليثيوم ظهر حتى في المراحل المبكرة، قبل تكوّن لويحات الأميلويد، مما يشير إلى أنه قد يكون جزءًا من الآليات المبكرة لتطور المرض. ويُرجّح أن السبب قد يكون عوامل وراثية أو بيئية، أو أن تراكم اللويحات يؤدي إلى حجز الليثيوم داخل الدماغ.
اقرأ أيضاً: أسباب مرض الزهايمر وكيفية التعامل معها
نتائج التجارب على الفئران ودلالاتها الطبية
عند تقليل الليثيوم في النظام الغذائي للفئران، لوحظ تدهور واضح في الذاكرة. أما الفئران المعدلة وراثيًا لتطوير أعراض ألزهايمر فقد أظهرت تزايدًا في شدة المرض عند تقليل الليثيوم، إضافة إلى ضعف قدرتها على إزالة لويحات الأميلويد.
الفرق بين كربونات الليثيوم وأوراتات الليثيوم
التجربة الأكثر لفتًا للنظر كانت عند إعطاء الفئران نوعين مختلفين من الليثيوم:
- كربونات الليثيوم: تُستخدم عادة في علاج الاضطراب ثنائي القطب، لكنها كانت أكثر عرضة لأن تعلق داخل اللويحات.
- أوراتات الليثيوم: أظهرت قدرة أقل على الارتباط باللويحات، ونجحت في تحسين ذاكرة الفئران.
التحديات أمام تطبيق نتائج الدراسة على البشر
رغم أن النتائج مشجعة، يؤكد الباحثون أن الأمر لا يزال في مرحلة الدراسات قبل السريرية، ويجب إجراء تجارب واسعة على البشر قبل اعتماد أي علاج.
التحذيرات الطبية من تناول مكملات الليثيوم
تحذر الدكتورة مانيشا باروليكار – التي راجعت الدراسة ولم تشارك فيها – من تناول أي مكملات لليثيوم دون إشراف طبي، إذ قد يكون سامًا بجرعات معينة. كما أن المكملات المتوفرة في الأسواق غير خاضعة لرقابة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، مما يجعل جودتها ومكوناتها غير مضمونة.
الخلاصة: هل نحن أمام ثورة علاجية لمرض ألزهايمر؟
تقدم هذه الدراسة بصيص أمل في إيجاد وسيلة لإبطاء أو حتى عكس بعض الأضرار المرتبطة بألزهايمر، لكن الطريق ما زال طويلًا قبل الوصول إلى علاج آمن وفعال للبشر. وحتى ذلك الحين، يبقى الليثيوم محورًا لأبحاث علمية قد تغير مستقبل التعامل مع هذا المرض المعقد.
تعليقات
إرسال تعليق