الإدمان، هو مرض مزمن ومعقد، يتطلب التغلب عليه جهداً كبيراً والتزاماً مستمراً. إن عملية التعافي من الإدمان هي رحلة شخصية، وتتضمن العديد من الخطوات والمراحل التي يجب اجتيازها. في هذا المقال، سنستكشف المراحل الست للتغيير التي يمر بها الأفراد عادةً أثناء رحلتهم نحو التعافي من الإدمان.
1- مرحلة ما قبل التأمل (Precontemplation)
تعد مرحلة ما قبل التأمل هي المرحلة الأولى في رحلة التعافي، حيث لا يدرك الشخص وجود مشكلة إدمان. قد يكون في حالة إنكار تام أو يقلل من أهمية سلوكه. في هذه المرحلة، قد يبدو الشخص غير مهتم أو غير منفتح على فكرة التغيير.
- الإنكار: يلجأ الكثير من الأشخاص في هذه المرحلة إلى الإنكار، حيث يعتقدون أن إدمانهم ليس خطيراً أو أنه يمكن السيطرة عليه. قد يبررون سلوكهم أو يلومون الآخرين.
- عدم الوعي: قد لا يكون الشخص على دراية بالآثار السلبية لإدمانه على صحته وعلاقاته. قد يفتقر إلى المعلومات أو الوعي الكافي حول مخاطر الإدمان.
في هذه المرحلة، من المهم أن يقدم الأصدقاء والعائلة الدعم والتفهم. يمكنهم تشجيع الشخص على البحث عن المعلومات والموارد التي قد تساعده في إدراك حقيقة إدمانه.
2- مرحلة التأمل (Contemplation)
في مرحلة التأمل، يبدأ الشخص في إدراك وجود مشكلة، لكنه لا يزال غير مستعد لاتخاذ إجراءات فورية. قد يشعر بالتردد أو عدم اليقين حول قدرته على التغيير.
- التفكير في التغيير: يبدأ الشخص في التفكير بجدية في عواقب إدمانه، وقد يدرك الحاجة إلى التغيير.
- البحث عن المعلومات: قد يبدأ في البحث عن المعلومات حول الإدمان وطرق التعافي. قد يلجأ إلى الإنترنت أو يقرأ الكتب أو يتحدث مع أشخاص آخرين تعافوا من الإدمان.
في هذه المرحلة، يمكن أن يلعب العلاج المهني دوراً حاسماً. يمكن للمتخصصين مساعدة الشخص على استكشاف مشاعره وأفكاره، وتطوير خطة للتعافي.
3- مرحلة التحضير (Preparation)
تعد مرحلة التحضير هي المرحلة التي يستعد فيها الشخص لاتخاذ خطوات ملموسة نحو التعافي. يصبح أكثر انفتاحاً على فكرة التغيير، ويبدأ في الاستعداد للعمل.
- التخطيط: يبدأ الشخص في وضع خطة للتعافي. قد يشمل ذلك تحديد الأهداف، والعثور على موارد مناسبة، والتفكير في الاستراتيجيات التي ستساعده على التغلب على الإدمان.
- الاستعداد النفسي: في هذه المرحلة، من المهم أن يطور الشخص العزيمة والإرادة القوية. قد يحتاج إلى مواجهة مخاوفه والتحديات التي قد يواجهها أثناء رحلة التعافي.
يمكن للأصدقاء والعائلة أن يلعبوا دوراً داعماً في هذه المرحلة. يمكنهم مساعدة الشخص على الاستعداد للتحديات القادمة، وتقديم الدعم العاطفي والعملي.
4- مرحلة العمل (Action)
تعد مرحلة العمل هي المرحلة التي يبدأ فيها الشخص في اتخاذ إجراءات ملموسة للتخلص من الإدمان. قد ينضم إلى برنامج إعادة تأهيل، أو يشارك في جلسات العلاج، أو يبدأ في ممارسة عادات صحية جديدة.
- الالتزام: يتطلب العمل التزاماً قوياً من الشخص. قد يواجه تحديات وصعوبات، لكن من المهم الاستمرار والتمسك بالخطة.
- التعامل مع الرغبات الشديدة: قد يواجه الشخص رغبات شديدة خلال هذه المرحلة، ومن المهم أن يتعلم كيفية التعامل معها. يمكن للعلاج السلوكي المعرفي أن يساعد في تطوير استراتيجيات فعالة.
في هذه المرحلة، يصبح الدعم المستمر من الأصدقاء والعائلة والمهنيين الصحيين ضرورياً. يمكنهم مساعدة الشخص على البقاء على المسار الصحيح، وتقديم التشجيع والمحاسبة.
5- مرحلة المحافظة (Maintenance)
تعد مرحلة المحافظة هي المرحلة التي يلتزم فيها الشخص بالعادات الصحية الجديدة التي اكتسبها خلال مرحلة العمل. يصبح التعافي نمط حياة، ويصبح الشخص أكثر وعياً بصحته العقلية والجسدية.
- الاستمرارية: في هذه المرحلة، من المهم الحفاظ على العادات الصحية الجديدة. قد يشمل ذلك حضور جلسات الدعم المستمر، أو ممارسة الرياضة بانتظام، أو المشاركة في الأنشطة الصحية.
- تجنب الانتكاس: قد يواجه الشخص إغراءات أو رغبات شديدة، لكن من خلال الاستمرار في ممارسة العادات الصحية، يمكنه تجنب الانتكاس.
قد يحتاج الشخص إلى الدعم طويل الأمد من الأصدقاء والعائلة والمهنيين الصحيين. حيث يمكنهم مساعدته على الحفاظ على تعافيه وتجنب الانتكاسات المحتملة.
6- مرحلة الانتكاس (Relapse)
قد تحدث الانتكاسات خلال رحلة التعافي، حيث يعود الشخص إلى السلوكيات القديمة. من المهم عدم النظر إلى الانتكاس على أنه فشل، بل كجزء طبيعي من عملية التعافي.
- التعلم من الانتكاس: يمكن للشخص أن يتعلم من الانتكاس، ويحدد العوامل التي أدت إليه. يمكنه تعديل استراتيجياته وخططه للتعافي.
- العودة إلى المسار الصحيح: في هذه المرحلة، من المهم تقديم الدعم والتشجيع للشخص. يمكنه العودة إلى المسار الصحيح من خلال الاستمرار في حضور جلسات الدعم، والتحدث مع المهنيين الصحيين، وتعديل خطته للتعافي.
- المرونة: الانتكاس لا يعني نهاية الرحلة، بل فرصة للتعلم والتكيف. يجب على الشخص أن يظل مرناً ومستعداً للتكيف مع التحديات.
في الختام، رحلة التعافي من الإدمان هي رحلة شخصية تتطلب التزاماً قوياً ودعماً مستمراً. من خلال فهم المراحل المختلفة، يمكن للأصدقاء والعائلة والمهنيين الصحيين تقديم المساعدة اللازمة في كل مرحلة. إن التعافي هو عملية مستمرة، والشخص الذي يمر بهذه الرحلة يستحق الدعم والتفهم طوال رحلته نحو حياة صحية وسعيدة.