شريط الأخبار

تأثير النوم على جسم الإنسان

كيف يؤثر النوم على جسمك؟

كثيرون يظنون أن النوم مجرد استراحة من التعب أو هروب مؤقت من ضغوط الحياة و لكن العلم يخبرنا بقصة مختلفة تماما. النوم ليس وقتا ضائعا بل هو حالة نشطة ومعقدة تمر فيها أجسامنا بسلسلة من العمليات الحيوية الدقيقة التي لا تحدث إلا خلال هذا الوقت الصامت.

أثناء النوم يعمل الجسم على إصلاح الأنسجة وتنظيم الهرمونات وتعزيز المناعة وتنظيف الدماغ من السموم. حتى القلب والرئتان، والكلى كلها تدخل في إيقاع مختلف يعيد ضبط توازنها.بل إن جودة النوم قد تؤثر على كل شيء من الوزن والمزاج إلى التركيز والذاكرة وحتى قابلية الإصابة بالأمراض المزمنة.

قلة النوم ليست مجرد تعب بل إنها تهديد صامت لصحتك العامة. في هذا المقال سنكشف لك كيف يتحكم النوم بأدق تفاصيل جسدك، ولماذا يجب أن تعطيه الأهمية التي يستحقها.

النوم والوزن

تجعل قلة النوم الشخص يشعر بالجوع أكثر لأن الهرمونات التي تتحكم بالشهية تتأثر مباشرة بعدد ساعات النوم وجودته، كما أنها أيضاً تتسبب بارتفاع هرمون الجريلين (هرمون الجوع) وانخفاض هرمون اللبتين (هرمون الشبع) ونتيجة لذلك تزداد الشهية وخاصة نحو الأطعمة الدسمة والسكريات.

وليس هذا فقط بل إن قلة النوم تؤدي إلى بطئ في عملية الأيض (الحرق) مما يجعل الجسم يخزن الدهون بدلاً من حرقها وهذا ما يفسر لماذا يعاني كثير من الناس من ثبات الوزن رغم تقليل الأكل.

أكدت دراسات عديدة أن النوم لأقل من 6 ساعات يومياً يرتبط بزيادة خطر السمنة خصوصاً عند الأطفال والنساء والنوم المتقطع أو غير المنتظم (مثل السهر طوال الأسبوع والنوم الطويل في العطل) يؤثر سلباً أيضا. ببساطة، إذا كنت تحاول إنقاص وزنك ابدأ من سريرك.

النوم والمناعة

تؤدي قلة النوم إلى ضعف الجهاز المناعي مما يعرض الجسم للكثير من الامراض ويزيد من إحتمال تفعيل الأمراض الكامنة.

النوم الجيد ليس رفاهية بل هو موعد صيانة يومي للجهاز المناعي فأثناء النوم يطلق الجسم نوعاً من البروتينات يعرف بالسيتوكينات وهي مواد ضرورية لمواجهة العدوى والالتهابات والتوتر وعندما لا تنام تنخفض مستويات هذه السيتوكينات فيقل استعداد الجسم لمهاجمة الفيروسات والبكتيريا.

كما أن النوم الكافي يعزز عمل الخلايا التائية وهي جنود المناعة الأساسية التي تتعرف على الفيروسات وتهاجمها بينما الحرمان من النوم يجعل هذه الخلايا أقل نشاطاً.

النوم والدماغ

يعتقد الكثيرين أن الدماغ ينطفئ عند النوم لكن في الحقيقة يكون الدماغ في قمة نشاطه أثناء النوم حيث أنه يقوم بتنظيف وتنظيم وتجديد وإعادة الترتيب.

أحد الاكتشافات المدهشة في السنوات الأخيرة هو وجود نظام يعرف بـ الجهاز الجليمفاوي وهو شبكة معقدة داخل الدماغ تعمل أثناء النوم على تنظيف الدماغ من السموم والمخلفات العصبية التي تتراكم خلال اليوم ومنها بروتينات مرتبطة بأمراض مثل ألزهايمر.

كما أن النوم ضروري لتقوية الذاكرة فخلال مرحلة النوم العميق يقوم الدماغ بنقل المعلومات من الذاكرة قصيرة الأمد إلى طويلة الأمد ويعيد ترتيب الأفكار والخبرات كما لو أنه ينظم ملفاتك الداخلية.

وفي المقابل تجعل قلة النوم الدماغ يعمل ببطء وتؤدي إلى:

  • ضعف التركيز والانتباه
  • صعوبة في اتخاذ القرار
  • تقلبات مزاجية وربما ميول اكتئابية
  • وحتى زيادة خطر الحوادث والإصابات

ببساطة، نومك الجيد هو برنامج الصيانة الذكية لدماغك.

مراحل النوم

النوم ليس حالة واحدة بل يتكون من دورات متكررة كل ليلة تمر بأربع مراحل أساسية مقسّمة إلى نوعين: نوم غير حركة العين السريعة، ونوم حركة العين السريعة. كل دورة نوم تستغرق حوالي 90 دقيقة وتتكرر من 4 إلى 6 مرات خلال الليل

1- النوم الخفيف ( المرحلة الأولى والثانية):

يمثل أكثر من 50% من وقت النوم عند الإنسان. يكون الجسم في حالة استرخاء تدريجي وتبطئ ضربات القلب والتنفس، الاستيقاظ يكون سهل خلال هذه المرحلة.

  • الوظيفة: انتقال الجسم من اليقظة إلى النوم وهو بمثابة المدخل إلى النوم العميق.
  • تأثيره: لا يسبب ترميماً عميقاً للجسم لكنه ضروري لبداية الاسترخاء العصبي

2- النوم العميق ( المرحلة الثالثة):

يعد أعمق مراحل النوم وأكثرها ترميما للجسم. يصعب الاستيقاظ منه ومن يستيقظ خلالها يشعر بالدوخة أو الخمول.

  • الوظيفة: إصلاح الخلايا وإفراز هرمون النمو وتعزيز المناعة و استعادة الطاقة الجسدية.
  • تأثيره: تقوية الجهاز المناعي -ترميم العضلات والأنسجة- خفض ضغط الدم وتنظيم مستوى السكر -ضروري للأطفال والمراهقين للنمو

3- نوم حركة العين السريعة:

يحدث عادة بعد 90 دقيقة من بداية النوم حيث تتحرك العينان بسرعة تحت الجفون ويصبح الدماغ نشيطاً كما لو كنت مستيقظا.

  • الوظيفة: تحدث فيه معظم الأحلام وهو مهم لوظائف الدماغ.
  • تأثيره: تنظيم المشاعر-دعم الذاكرة والتعلم -ترتيب المعلومات داخل الدماغ -نقصه مرتبط بالقلق واضطراب المزاج.

نصائح علمية بسيطة لتحسين النوم

الجيد في الامر هو أن تحسين النوم لا يحتاج إلى أدوية بل إلى بعض التعديلات البسيطة في نمط الحياة، وهذه أهم النصائح المدعومة علميا:

  1. اضبط ساعتك البيولوجية: حاول أن تنام وتستيقظ في نفس الوقت كل يوم حتى في عطلة نهاية الأسبوع، حيث أن الانتظام يساعد جسمك على التهيئ للنوم تلقائيا في الوقت المناسب.
  2. قلل الشاشات قبل النوم: الضوء الأزرق الصادر من الهاتف أو الحاسوب يؤخر إفراز هرمون الميلاتونين (هرمون النوم). أطفئ الأجهزة أو استخدم الوضع الليلي قبل النوم بساعة على الأقل.
  3. اجعل الغرفة مظلمة وهادئة وباردة قليلًا: البيئة المثالية للنوم تساعد في الدخول في النوم العميق.
  4. انتبه للكافيين والسكر: تجنب القهوة والشاي والمنبهات بعد دخول المغرب، هذه المواد قد تبقى نشطة في جسمك لساعات طويلة وتعطل النوم.
  5. مارس نشاطا بدنيا منتظما: المشي أو الرياضة المعتدلة خلال النهار تساعد في تحسين جودة النوم.
  6. أنشئ روتيناً للنوم: النوم الجيد لا يأتي بالصدفة بل بالاهتمام والعناية ومع الوقت ستحس بفرق كبير في طاقتك تركيزك وحتى مزاجك.

في الختام نومك مرآة لصحتك... فلا تهمشه

في عالم يسير بسرعة ويكافئ السهر والعمل الطويل يبدو النوم وكأنه ترف أو كسل و لكنه في الحقيقة أساس لصحة الجسد والعقل.

النوم الجيد يعزز مناعتك وينظم شهيتك ووزنك و يجدد دماغك ويحميك من أمراض كثيرة لا تظهر إلا بعد سنوات، وفي المقابل السهر المستمر أو النوم الرديء قد يكون سببا خفياً وراء كثير من معاناتنا اليومية من التعب المزمن والوزن الزائد إلى تدهور المزاج وضعف التركيز.

لا تنتظر حتى تصاب بمشكلة لتبدأ في احترام نومك.

نم مبكراً و بانتظام وبجودة وستجد أن جسدك سيكافئك في كل جانب من جوانب حياتك.

المصدر: تأثير النوم على جسم الإنسان

الأقسام
author-img
Issa Aldababseh

إستكشاف المزيد

أنت تشاهد أحدث مقال

تعليقات

      ليست هناك تعليقات
      إرسال تعليق

        نموذج الاتصال